انتاب القلق بعض العناصر القومية في تحالف متنوع للمعارضة التركية بسبب دعوة حزب تركي مناصر للأكراد لإجراء محادثات مع التحالف لدعم المرشح المشترك في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مايو أيار لتحدي الرئيس رجب طيب أردوغان.
فقد قدم مدحت سنجار، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي اليساري، وهو ثالث أكبر حزب في البرلمان، الطلب الليلة الماضية بعد أن أعلن تحالف المعارضة المؤلف من ستة أحزاب أن كمال قليجدار أوغلو سيكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية.
وقال مسؤولان في التحالف لرويترز إن هناك مخاوف من أن مثل هذه المحادثات مع حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يواجه احتمالات بإغلاقه في قضية تنظرها محكمة بسبب صلات مزعومة بمسلحين أكراد، قد تقلل من دعم الناخبين القوميين المعادين لسياسات الحزب المناصرة للأكراد.
وينظر إلى حزب الشعوب الديمقراطي إلى حد كبير على أنه يلعب دورا مؤثرا في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتوقع إجراؤها في 14 مايو أيار. ومن المرجح أن يحتاج تحالف المعارضة إلى دعم حزب الشعوب الديمقراطي لإنهاء حكم أردوغان السياسي المستمر منذ عشرين عاما تقريبا.
يضم التحالف ديمقراطيين اشتراكيين وقوميين وعلمانيين وإسلاميين، ونحى التكتل خلافاته جانبا أمس الاثنين ليعلن دعم المرشح قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في الانتخابات المقبلة.
ودعا سنجار التحالف لإجراء محادثات قد تمهد الطريق لحزب الشعوب الديمقراطي لدعم قليجدار أوغلو.
وقال سنجار لمحطة خبر ترك “هدفنا هو الديمقراطية والعدالة والحرية. نريد التحدث عن المبادئ بصورة أساسية”.
وقال مسؤول كبير بأحد أحزاب التحالف لرويترز إن دعوة سنجار جاءت “قبل وقتها بعض الشيء”، مضيفا أن كيفية تقديم حزب الشعوب الديمقراطي الدعم ستكون أكبر مشكلة تواجه المعارضة.
وقال “الدعم العلني من حزب الشعوب الديمقراطي سيأتي بردود فعل (سلبية)، لا سيما من الحزب الصالح وقواعده الشعبية”، وذلك في إشارة إلى ثاني أكبر حزب في التحالف.
وقال “دعم الحزب الصالح أمر بالغ الأهمية”، لكنه أضاف أنه قد يقوض الدعم من نواح أخرى.
وقال مسؤول بارز في حزب آخر بالتحالف إن تأييد حزب الشعوب الديمقراطي العلني يمكن أن يؤثر على دعم الحزب الصالح بنحو خمسة بالمئة وحزب الشعب الجمهوري بنحو اثنين إلى ثلاثة بالمئة.
وتظهر بعض استطلاعات الرأي تقدما لتحالف المعارضة على الائتلاف الحاكم لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية بزعامة أردوغان وحزب الحركة القومية، لكنها تشير بشكل عام إلى سباق محتدم بين الطرفين. وبلغ دعم حزب الشعوب الديمقراطي نحو عشرة بالمئة على مستوى البلاد.
* “توازن دقيق”
لم يشر قليجدار أوغلو في خطاب ألقاه اليوم إلى حزب الشعوب الديمقراطي واكتفى بالقول إن الأحزاب الخمسة الأخرى ستساعد في تحقيق الفوز.
وقال المسؤول الثاني “لا بد من التوصل لتوازن دقيق للغاية هنا، وإلا فقد يكون هناك ثمن يتعين دفعه… الأصوات القادمة من حزب الشعوب الديمقراطي ربما تعادل تلك التي سيخسرها التحالف”.
وردا على سؤال حول الحوار المحتمل بين قليجدار وحزب الشعوب الديمقراطي، قالت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح لمحطة خبر ترك اليوم الثلاثاء إن على الجميع احترام العلاقات بين الأحزاب السياسية الأخرى. لكنها قالت إن حزب الشعوب الديمقراطي لا يمكنه أبدا الانضمام إلى تحالفهم أو منحه حقيبة وزارية إذا فازت المعارضة.
وتنظر المحكمة الدستورية حاليا في قضية لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي بسبب صلات مزعومة بمسلحين أكراد، وهو ما ينفيه الحزب. ويقول محللون إن أردوغان سيستغل على الأرجح الصلات المزعومة ودور الحزب في المعارضة.
ولم يتضح بعد موعد إصدار الحكم، لكن المحكمة رفضت طلب حزب الشعوب الديمقراطي لتأجيل الحكم إلى ما بعد الانتخابات. وجمدت المحكمة بالفعل الحسابات المصرفية للحزب.
وقال المسؤول الثاني، الذي لم يكن مخولا بالتحدث بشكل رسمي، إن بعض الناخبين الأكراد لن يدعموا تحالف المعارضة بسبب وجود الحزب الصالح فيه.
وقال سنجار إن حزب الشعوب الديمقراطي لعب دورا رئيسيا في خلق توازنات سياسية في تركيا، وإنه يجب أن يتم ذلك في العلن لا خلف الأبواب المغلقة. وأضاف أنه لم يُحرز أي تقدم منذ أن أعلن الحزب سياساته في سبتمبر أيلول.
وسبق أن أشار حزب الشعوب الديمقراطي إلى أنه سيقدم مرشحا في حالة عدم وجود محادثات، لكن سنجار قال إن الحزب يعيد النظر في ذلك بعد زلزال الشهر الماضي.