سألت صديقًا تركيًا علمانيًا: كيف تتوقع نتيجة الانتحابات؟ أجاب: سينجح كمال كليجدار أوغلو من الجولة الأولى بنسبة 54%.. انتهى أردوغان وحُكم أردوغان؟! ربما بضع كلمات مِنّي عن أردوغان لا تُسْمن ولا تغني، ولا تضيف شيئًا لتجربته الطويلة التي قيل فيها آلاف الكلمات بنجاحاتها وإخفاقاتها، لكن لعل الواضح الآن -وتركيا مقبلة على جولة الإعادة- لكل متابع للملف السياسي التركي أن حصول المعارض كمال كليجدار أوغلو على ملايين الأصوات في ترشحه في الانتخابات الرئاسية التركية في مواجهة أردوغان يُحسب جزءُ منه لأردوغان، أو لتجربة الديمقراطية.. لثعلب السياسة، الذي قدم خدمات جليلة لمُعتقده ولملايين المسلمين والعرب، رغم أنه يحكم بناء على دستور علماني..! بعد تجربة مصطفى كمال باشا التي استمرت طويلًا بعد وفاة أتاتورك تحولت تركيا إلى ذيل من ذيول أوروبا وتم عزلها عن محيطها الإسلامي ودورها في الشرق الأوسط، وكان هدف تحويلها إلى تابع هو ديدن السياسة الغربية التي استطاعت عزل تركيا، حتى جاء حزب العدالة والتنمية، فلم ينسلخ عن تجربة أتاتورك والقومية التركية، لأنه يدرك أن في هذا تشرذمًا لتركيا ومُضيًا في الذلة والانحناء للغرب، والقارئ الجيد للحياة الاجتماعية في تركيا يدرك وَلَهَ الأتراكِ بمصطفى كمال أتاتورك ودوره في تأسيس الجمهورية التركية، منذ كان ضابطًا صغيرًا يحارب الاستعمار ويحرض على الثورة، حتى استطاع تجميع الشعب التركي على هوية واحدة على الرغم من الأخطاء التي وقع فيها ضد الهوية الروحية لتركيا.. وقد أتيح لي الاطلاع على التجربة التركية من خلال كتّابها اليساريين الذين عارضوا الأنظمة التركية وقضوا سنوات في سجونها مثل عزيز نيسن وكمال يشار ومظفر أوزغو، وقرأت تقريبًا أغلب كتب من يعارضون حكم أردوغان مثل أورهان باموق وآليف شفق، وقرأت ما بين سطور رواياتهم الأدبية العظيمة، التي جعلت نوبل تمنح جائزتها في الأدب للكاتب أورهان باموق، كما قرأت بعض كتب التاريخ السياسي للجمهورية التركية منذ أتاتورك وعِصمت إينونو ومذكرات زملائهما من الضباط الذين وحدوا القومية التركية، لذا تابعت باندهاش مقدرة أردوغان على النفاذ والحصول على هذه المساحة السياسية وهو قادم من خلفية سياسية إسلامية، لم يكن سهلًا أبدًا أن يغوصَ أردوغان في بحار السياسة العميقة في تركيا لولا وجود عقلية سياسية تعي جيدًا أماكن الغرق والنجاة، وتقفز فوق دوامات السقوط، أقول هذا قبل حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية في جولة الإعادة، والتي يبدو أنها سوف تذهب إلى أردوغان، وحتى لو لم تذهب له فسوف يتوقف التاريخ التركي طويلًا عند تجربة أردوغان والدور الوطني الذي قام به في خدمة بلاده. يدرك أردوغان وحزب العدالة والتنمية ما سبق من أنظمة الحكم في تركيا، وحاول الاستفادة من تجربة عدنان مندريس ونجم الدين أربكان، وعدم الوقوع في مواجهة مباشرة مع الجيش التركي وتحييد دوره ووضعه في الوظيفة المنوط به القيام بها، مع عدم التقليل من مكانته وقيمته، ثم انتقل إلى ملفات التعمير والبناء، فشاهد الشعب التركي إنجازات واضحة في الشارع جعلت بعض الذين ينتقدون أردوغان ويهاجمون سياساته يذهبون إلى صناديق الاقتراع المباشر ويمنحون صوتهم لأردوغان ويتشبثون به. ولأن للسياسة تقلباتها مثل موج البحر لا تتوقف، غَيَّرَ أردوغان من سياساته تجاه عدد من الدول وعدد من الأحزاب، وقد تعرضنا قبل ذلك لسياساته الدولية، أما سياساته تجاه الأحزاب داخل تركيا، فلقد قام قبل الانتخابات بعمل تحالفات لم يكن متوقعًا على الإطلاق أن تتحالف معه، ولما رأى أحزابًا جديدة يلتف حولها الشباب سارع بالتحالف معها، مثل حزب الهدي الكردي وكذلك تحالفه مع الحزب القومي. لم يكن أردوغان ليعبر بحار السياسة أبدًا منفردًا، دون وجود مجموعة من السَّبَّاحَة المهرة الذين يحيطون به ويفكرون معه، وللمُطّلع على كتاب أحمد داوود أوغلو الرئيس الثاني لحزب العدالة والتنمية بعد أردوغان من عام 2014 وحتى عام 2016 ووزير خارجية ورئيس وزراء تركيا قبل ذلك والمعارض الآن لأردوغان المتحالف مع حزب الشعب الجمهوري وأحد أعضاء الطاولة السداسية، أقول المطّلع على التجربة في كتابه «العمق الاستراتيجي.. موقع تركيا ودورها في السياسة الدولية، الذي تعرض للإطار المفاهيمي والتاريخي والسياسات المرتبطة بالمناطق الجغرافية والسياسات الإقليمية للدولة التركية يدرك وقتذاك الخطوات التي اتجهت تركيا إليها، والمتابع لما حدث داخليًا منذ انقلاب 2016 وقبل إصابة العالم بفيروس كورونا عام 2020 يدرك النهضة العسكرية والاقتصادية والزراعية التي وصلت إليها تركيا عبر الإدارة الحالية لأردوغان التي كانت أكثر نجاحًا من الإدارة القديمة في العديد من الملفات، حيث غيرت إدارة أردوغان خططها للنهوض بالدولة ثم تعثرت مع فيروس كورونا وما تعرض له قطاع السياحة، وجاء زلزال كهرمان
من صفحة الكاتب على تويتر

Please rate this

By sham

اترك تعليقاً