الكاتب: هيئة التحرير «عيون سورية»

 

في كتابه «النظام العالمي» ، يجادل «الثعلب العجوز» هنري كيسنجر بأنه لم يكن هناك “نظام عالمي” حقيقي على الإطلاق بمعنى مجموعة القواعد والمعايير المقبولة عالميًا التي تحكم العلاقات الدولية؛ بدلاً من ذلك، طورت الحضارات المختلفة مفاهيمها الخاصة عن النظام، وكل واحدة منها تستند إلى خبرتها التاريخية الفريدة والقيم الثقافية، ويتتبع كيسنجر تطور النظام العالمي من العالم القديم إلى يومنا هذا، ويحدد أربعة نماذج تاريخية رئيسية للنظام:

 

اعتمد النموذج الهرمي، الذي كان سائدًا في العالم القديم، على فكرة إمبراطورية عالمية أو ملكية، كان يُنظر إلى الإمبراطور أو الملك على أنه الحاكم الأعلى لجميع الشعوب الأخرى، وكانت جميع الدول الأخرى تابعة له.

 

استند نموذج توازن القوى، الذي ظهر في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، على فكرة نظام الدول المستقلة التي توازن قوة بعضها البعض، كان يُنظر إلى هذا النموذج على أنه وسيلة لمنع أي دولة من أن تصبح قوية للغاية وتهيمن على الآخرين.

 

استند نموذج الهيمنة، الذي ظهر في القرن التاسع عشر، إلى فكرة وجود قوة مهيمنة واحدة من شأنها أن توفر النظام والاستقرار للنظام الدولي، وبرزت أمريكا كقوة مهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية، وكان دورها في الحرب الباردة هو احتواء الاتحاد السوفيتي ومنعه من توسيع نفوذه.

 

يعتمد النموذج متعدد الأقطاب، الذي ظهر في القرن الحادي والعشرين، على فكرة نظام قُوى متعددة ومتساوية تقريبًا، يُنظر إلى هذا النموذج على أنه وسيلة لمنع أي قوة بمفردها من أن تصبح مهيمنة لوحدها، وتوفر المزيد من الفرص للتعاون وبناء الإجماع بين الدول.

يجادل كيسنجر بأنه لا يوجد نموذج واحد للنظام العالمي مثالي، وأن لكل منها نقاط قوتها وضعفها، كما يجادل بأن أفضل طريقة لتحقيق نظام عالمي مستقر وسلمي هي الجمع بين عناصر من نماذج مختلفة.

 

يناقش كيسنجر في الفصل الأخير من الكتاب التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين، وهو يجادل بأن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في لعب دور قيادي في العالم، ولكن يجب أن تكون أيضًا على استعداد للعمل مع الدول الأخرى لبناء نظام عالمي أكثر استقرارًا وسلامًا.

 

«النظام العالمي»، الصادر عام 2014، كتاب شامل وثاقب يقدم لمحة عامة قيمة عن تاريخ النظام العالمي والتحديات التي تواجه الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين، وعن العالم متعدد الأقطاب، يراعي صعود قوى راغبة في بناء إجماع دولي جديد، وخلق فرص تعاون بعيدًا عن الهيمنة الأحادية للولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة الخمسة، وهي الرؤية التي عبر عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من خطاب: «العالم أكبر من خمسة، لقد انتهى عمر ذلك النظام الذي يترك مصير العالم الإسلامي الذي يبلغ تعداد سكانه 1.7 مليار نسمة لمزاج 5 دول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي»

 

Please rate this

By sham

اترك تعليقاً