شهدت مناطق شمال غربي سوريا أمس تصعيداً هو الأعنف منذ مطلع العام الحالي بين قوات النظامين السوري والروسي من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى سقط خلالها قتلى وجرحى.
وأكد مصدر مقرب من القوات الحكومية السورية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) “أن طائرات مسيرة لهيئة تحرير الشام /جبهة النصرة/ أسقطت قذيفتين على مدينة القرداحة في ريف محافظة اللاذقية الشمالي الشرقي مما أدى لمقتل شخص وإصابة آخر بجروح”.
وأضاف المصدر أن “سيدة مسنة أصيبت بجروح جراء سقوط قذائف صاروخية على مدينة سلحب في ريف حماة الغربي والتي شيعت اليوم ثلاثة أشخاص قتلوا في قذائف أطلقتها طائرات مسيرة تابعة لجبهة النصرة على مدينة سلحب”.
وأكد قائد عسكري في الجيش الوطني أن فصائل المعارضة ردت أمس بواسطة فوج المدفعية على القصف الجوي الذي نفذته طائرات روسية وقصف مدفعي من القوات الحكومية السورية على مناطق ريف إدلب الجنوبي ودمرت موقعًا للقوات الحكومية في قرية كرسعة جنوب شرق محافظة إدلب وإصابة ثلاثة عناصر من القوات الحكومية السورية، كما قصفت فصائل المعارضة مواقع القوات الحكومية السورية في مناطق محافظة حماة وإدلب دون تحديد عدد المصابين.
واعتبر المصدر أن “القصف الذي نفذته فصائل المعارضة يأتي رداً على قصف القوات الحكومية لمناطق سيطرة المعارضة وحرق مساحات واسعة من حقول القمح والشعير، ومحاربة المدنيين في أرزاقهم”.

تصعيد… وتطبيع

ويأتي التصعيد فيما أعلنت روسيا موافقة كل من تركيا والنظام السوري على مسودة خريطة الطريق لتطبيع العلاقات السياسية بين الجانبين، حيث قال المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف: إن “جميع الأطراف وافقت بشكل عام على صيغة خريطة الطريق لدفع عملية التطبيع”. وقال إن “تركيا وروسيا والنظام وإيران عبروا عن وجهات نظرها ومقترحاتها، والآن يجب التنسيق لتطبيق هذه الخريطة” مشيراً إلى أن هذه العملية ستستغرق بعض الوقت، بينما الأمر “الأكثر أهمية هو أن عملية التطبيع تمضي قدماً نحو الأمام. لا يجب المماطلة، والجميع متفقون على ذلك”. وأعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي، اتفاق سوريا وتركيا وإيران اتفقت على صيغة “خريطة الطريق” التي أعدتها روسيا للتطبيع العاجل للعلاقات بين دمشق وأنقرة. وكان نواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران بحثوا في الاجتماع الدولي الـ20 حول سوريا في أستانة الثلاثاء الماضي، خريطة طريق لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، ومكافحة الإرهاب وقضايا أخرى.
ميدانياً، يستمر تصعيد قوات النظامين السوري والروسي لليوم الرابع على التوالي، حيث كثفت القوات المهاجمة من قصفها الجوي والمدفعي والصاروخي على شمال غربي سوريا، مخلفة خلال الأيام الثلاثة الفائتة 3 قتلى بينهم طفل، و18 جريحاً بينهم 7 نساء و 3 أطفال. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، إن منطقة إدلب ومحيطها تشهد تصعيداً لافتاً، بين هيئة “تحرير الشام” من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، حيث تنوعت الهجمات ما بين هجمات برية واستهدافات متبادلة بين الطرفين في ريف حلب الغربي وريف حماة الغربي وريف إدلب، بالإضافة إلى قصف بالطائرات المسيرة، ما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال الـ48 ساعة الفائتة، مقتل وإصابة 17 مدنياً بينهم 5 أطفال و8 سيدات.

«انتهاك صارخ للقانون الدولي»

ووصف الدفاع المدني السوري قصف قرى وبلدات إدلب وحلب والأرياف القريبة منها، بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني حيث يستهدف النظام وروسيا الأحياء السكنية” وذلك في ظل “استمرار سياستهم في قتل المدنيين، وحربهم المستمرة لسنوات، دون رادع عن هذه الجرائم المستمرة منذ 12 عاماً”.
وقال نائب مدير الدفاع المدني السوري منير المصطفى لـ “القدس العربي”: توفيت الجمعة امرأة متأثرة بجراحها، نتيجة قصف صاروخي استهدف منزلها يوم الخميس… الأيام الفائتة، شهدت قصفاً مكثفاً أسفر عن إصابة 6 نساء بجروح، بينهن ثلاث جروحهنّ بليغة، وذلك نتيجة قصف صاروخي استهدف الأحياء السكنية ومحيط مدرسة ومسجد، في مدينة سرمين شرقي إدلب”. كما أدى القصف الخميس، إلى تهدم جدار منزل في المدينة أصيب على إثره فتى بجروح طفيفة، بينما جددت قوات النظام وروسيا بعد ساعات قصفها الصاروخي على المدينة مستهدفة الأحياء السكنية والسوق الشعبية.
وتأتي هذه الهجمات وفق بيان للدفاع المدني “بعد يوم من مقتل طفل ووالده ورجل آخر، وإصابة 11 آخرين بينهم طفلان وامرأة، بقصف مدفعي لقوات النظام وروسيا، استهدف قرية كفرنوران في ريف حلب الغربي والطريق الواصل بين القرية وبلدة معارة النعسان وقرية كتيان في ريف إدلب الشمالي الشرقي، وأطراف مدينة الأتارب وقرية القصر في ريف حلب الغربي”.
وأضاف البيان أن “الهجمات المستمرة لقوات النظام وروسيا تأتي ضمن منهجية في الإجرام لأجل قتل الحياة في شمال غربي سوريا، وحرمان المدنيين من الاستقرار وفرض حالة من الرعب والذعر بينهم، وفرض المزيد من التضييق بمحاربة كل سبل الحياة ومصادر العيش، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وأدنى القيم والأعراف الإنسانية في قتل الأبرياء والأطفال”.
تزامناً، قُتل طفل وأصيب أفراد أسرته، الجمعة، بانفجار قنبلة من مخلّفات الحرب والقصف على مدينة مورك بريف حماة الشمالي. وأفادت مصادر إخبارية محلية بمقتل الطفل “فاروق محمد السلوم” (8 أعوام) وإصابة 3 من أفراد أسرته، على إثر انفجار قنبلة كان يحملها “السلوم” بعد عثوره عليها في أرض زراعية بالقرب من منزله في مورك. ورجّحت المصادر أن تكون القنبلة من مخلفات القنابل العنقودية التي أسقطها طيران النظام والروس على المدينة قبيل السيطرة عليها منذ نحو 4 سنوات، بدون أن تنفجر.
في غضون ذلك، أعلنت منظمة “منسقو استجابة سوريا” عن دخول جديد لقوافل المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس تنفيذًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2672/2023 مكونة من 10 شاحنات محملة بالمساعدات القادمة من مناطق سيطرة النظام السوري، عبر معبر سراقب شرقي إدلب.
وتعتبر هذه القافلة هي الأولى منذ تطبيق القرار الأممي 2672 /2023 والحادية عشر منذ تطبيق إدخال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس في شمال غرب سوريا. وضمن القرار الأممي الأول 2585 /2021 بلغ عدد الشاحنات التي دخلت عبر خطوط التماس 71 شاحنة، في حين بلغ عدد الشاحنات التي دخلت وفق القرار الأممي الثاني 2642 /2022 هو 82 شاحنة، أما وفق القرار الحالي فبلغ عددها 10 شاحنات ليصل المجموع الكلي 163 شاحنة موزعة على القوافل 11 وفق بيان رسمي صدر عن المنظمة الجمعة.
ومنذ الإعلان عن القرار الأممي الحالي لإدخال المساعدات الإنسانية لم تعبر إلى المنطقة سوى قافلة واحدة عبر خطوط التماس، الأمر “الذي يظهر التجاهل الكبير للاحتياجات الإنسانية المتزايدة وتجاهل كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة بتاريخ 06.02.2023 وذلك مع اقتراب نهاية مفاعيل القرار 2672 وبالتالي فإن القوافل الإنسانية أصبحت تحت رحمة التجاذبات السياسية الدولية، وخاصةً فيما إذا ما قورنت بالقوافل الأممية عبر الحدود والتي عبر من خلالها 3045 شاحنة (2556 منها عبر معبر باب الهوى)”.
وأصر البيان “على أن تلك المساعدات الإنسانية غير كافية ولا يمكن العمل بها، ويتوجب على المجتمع الدولي إيجاد الحلول اللازمة قبل انتهاء مدة التفويض الحالي وخاصةً مع اقتراب انتهاء الآلية الحالية خلال أسبوعين والاقتصار فقط على التصريحات بضرورة استمرار الآلية دون وجود أي تحركات جدية للعمل على تمديد القرار أو إيجاد بدائل عنه خلال الفترة القادمة”.

تجنيد 1270 طفلاً في سوريا

وقالت الأمم المتحدة إن تنظيم “بي كي كي” وأذرعه جندوا أكثر من 1270 طفل في سوريا خلال العام الماضي 2022 حسب خبر نقلته وكالة الأناضول أمس. والتنظيم مصنف إرهابياً في تركيا.
وأوضح تقرير الأمم المتحدة السنوي عن الأطفال والنزاع المسلح، أنه تم رصد أكثر من ألفين و407 انتهاكات خطيرة بحق الأطفال في سوريا عام 2022. وأضاف أن 637 طفلاً جندهم “بي كي كي”، و633 آخرين من قبل أذرعه “واي بي جي” و”إس دي جي”.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في التقرير، عن قلقه إزاء تجنيد الأطفال من قبل التنظيمات الإرهابية في سوريا. ودعا غوتيريش إلى إطلاق سراح جميع الأطفال من صفوف التنظيمات الإرهابية والتوقف عن تجنيدهم واستخدامهم.

القدس العربي

Please rate this

By sham

اترك تعليقاً