يعيش مهجّرو ريفي إدلب الجنوبي والشرقي في حسرة على بساتينهم المزروعة بالفستق الحلبي، والتي استولت عليها قوات النظام السوري، قبل ثلاث سنوات تقريباً، عقب تقدمها إلى المنطقة، بدعم من الميليشيات الروسية والإيرانية.

هذه الحسرة تتزامن مع اقتراب موسم قطاف الفستق، ويبدو أن المحصول سيكون وفيراً هذا العام، بفضل عوامل المناخ والهطولات المطرية التي كانت بمعدلات مناسبة، وما يزيد حسرة المهجرين القرارات الجديدة للنظام التي تسمح بطرح بساتينهم في مزادات علنية لاستغلالها على أيدي المتنفذين من زعماء عشائر وأعضاء في “حزب البعث” وقادة وضباط في قوات النظام والأجهزة الأمنية.

وكان قرار طرح البساتين للمزاد هذه المرّة، لـ عامين متتالين بدلاً من عام واحد كما كان سائداً في المزادات السابقة خلال فترة ما بعد العام 2019، ويبدو أنّ للقرار الجديد عدة دلالات أهمها: منع المهجّرين من العودة إلى بلداتهم بعكس المزاعم المعلنة للنظام، خلال الأشهر الماضية.

مزادات بشروط جديدة

طرح “مجلس محافظة إدلب” التابع للنظام السوري، بساتين الفستق الحلبي التي تعود ملكيتها للمهجّرين، للاستثمار في مزادات علنية، ويشمل القرار البساتين في 39 بلدة وقرية بريفي إدلب الجنوبي والشرقي.

وعدّلت المحافظة شروط المزادات وعمليات الاستثمار (من ناحية الأسعار وطول مدة الاستثمار) بناء على تعليمات وزير الزراعة في حكومة النظام محمد حسان قطنا، الذي زار المقر المؤقت للمحافظة في خان شيخون جنوبي إدلب، أواخر حزيران الماضي.

الشجرة الذهبية

يطلق السوريون على هذه الثروة الاستراتيجية اسم “الشجرة الذهبية” لما تدرّه على المُزارعين من إنتاج وفير وأسعار منافسة، كما أنّ زراعتها منخفضة الكلفة بالنسبة إلى غيرها من أنواع الأشجار المثمرة، وهو ما أغرى المزارعين لتوسيع زراعتها في ريف إدلب قبل انطلاق الثورة السورية عام 2011.

وفي الفترة التي تلت سيطرت قوات النظام على مناطق شمالي حماة وجنوبي وشرقي إدلب وتهجير سكّان المنطقة، وزّع النظام عدداً من بساتين الفستق على زعماء الميليشيات و”الشبيحة”، خاصةً شمالي حماة في النصف الثاني من العام 2019 (مورك وكفر زيتا)، في حين تقاسم ضباط في “الفرقة الرابعة” و”قوات النمر” وزعماء ميليشيات عشائرية، بساتين الفستق في مناطق ريف إدلب.

ومنذ موسم العام 2021 تنبّه النظام لأهمية أراضي المهجّرين وما تدره من أرباح سنوية، خاصةً بساتين الفستق الحلبي، لذا سمح لـ”مجلس محافظة إدلب” الذي نقل مقره من حماة إلى خان شيخون بأن يخصّص مساحات واسعة من أراضي المهجّرين بما فيها بساتين الفستق لصالحه، بحيث يعود ريعها السنوي له بعد طرحها في مزادات علنية.

ومن خلالها يغطي مصاريف مقره المؤقت، وجانباً من الخدمات في خان شيخون وبعض البلدات (أبو الظهور والنيحة وسنجار) التي شهدت عودة بعض العائلات الموالية للنظام.

نوعان لاستغلال البساتين

قال ضيف الله المر -الرئيس السابق للمجلس المحلي في بلدة أم جلال- لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ “عمليات استغلال بساتين الفستق في مناطق جنوبي وشرقي إدلب، يمكن تصنيفها على نوعين: الأوّل يتم عن طريق مجلس المحافظة من خلال طرح البساتين في المزادات العلنية وهي غالباً شكلية ومعروف مسبقاً على من سيرسو المزاد، وهم غالباً ضباط في قوات النظام ومقربون منهم، وأعضاء في “حزب البعث” وموظفون بارزون في المحافظة والمديريات، وقادة ميليشيات عشائرية”، مردفاً: “يندرج تحت هذا النوع من الاستغلال القسم الأكبر من بساتين الفستق التي تعود ملكيتها للمهجّرين في البلدات (الحضرية) مثالها جرجناز”.

أما النوع الثاني من عمليات الاستغلال فيسود في البلدات ذات الطابع العشائري، مثل: الخوين وأم جلال ومحيطهما من القرى، وهنا تُستغل البساتين من أبناء تلك البلدات الموالين للنظام (الشبيحة)، ولا تُطرح في مزادات علنية، فقط يترتب على “الشبّيح” المستثمر دفع مبلغ مالي لمسؤول في المحافظة ومسؤولين في المفرزة الأمنية لغض الطرف عنه.

سوريا المصدر

Please rate this

By sham

اترك تعليقاً