باتت الهواتف الذكية والوسائط الرقمية الاخرى جزءاً من حياتنا اليومية وهي بالإضافة الى فوائدها الكبيرة فإن لها ايضاً جوانب وآثار سلبية خصوصاً على الأطفال والمراهقين ، الذين ومع بدء العطلة الصيفية يزداد تعلقهم بها اكثر ، عبر استخدامها لساعات طويلة ، وفي أحيان كثيرة دون مراقبة من الأهل، فيما يحذر مختصون من ان استخدام الهواتف الذكية والاجهزة اللوحية الاخرى لفترات طويلة تترك آثاراً سلبية جداً على مختلف نواحي حياتهم سواءً الصحية و النفسية او الاجتماعية.
ويستخدم الأطفال والمراهقون الأجهزة المحمولة أكثر فأكثر ، ويمكن أن يصبحوا مدمنين على ذلك، ولا يقضون وقتاً كافياً مع أسرهم أو أصدقائهم ، كما من المرجح أن يكونوا متصلين فعليًا بالأصدقاء ومشاركة الصور والرسائل النصية عبر الإنترنت بدلاً من مقابلتهم شخصيًا والتفاعل معهم ، مما يفقدهم الكثير من المهارات الاجتماعية الهامة والتي تتطور وتظهر مع التعامل الفعلي والعلاقات المباشرة مع الأهل والأصدقاء مما يجعلهم عرضة لكثير من المشاكل لاحقاً اثناء حياتهم.
اوقات الفراغ
يقول المواطن علي حسن (30 عاماً) ، من محافظة كربلاء ، لـ (باسنيوز) إن ” أغلب العوائل تسمح لابنائها باستخدام الأجهزة الإلكترونية وعلى رأسها الهواتف الذكية لفترات طويلة ، والسبب هو ملء وقت الفراغ لدى الأطفال والمراهقين، خاصةً خلال العطلة الصيفية ، متغافلين عن حثهم على ممارسة هوايات أخرى مثل ممارسة الأنشطة البدنية والترفيهية التي تساعدهم على تحسين صحتهم وثقتهم بأنفسهم ، مثل الرياضة أو الموسيقى أو الفن أو التطوع للاعمال الخيرية.
مخاطر واضرار نفسية
في السياق يرى الباحث في علم النفس” كاظم سلمان” خلال حديثه لـ(باسنيوز) أن ” استخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل مفرط له جوانب سلبية عديدة منها الأضرار النفسية إذ قد يصاب الطفل او المراهق بالانعزال والعدوانية في التعامل مع أقرانه الآخرين ، بسبب طول الفترة التي يستخدم فيها الهاتف وادمانه عليه ، وقد يترتب عليه تغيير في عادات الطفل الطبيعية كالحركة”.
لافتاً الى أن ” الأطفال والمراهقين الذين يمكثون فترات طويلة مع الهواتف المحمولة حد الإدمان لا يتمتعون بالاستقرار النفسي أو يفقدون الثقة في أنفسهم ، ويكون لديهم قلة في الحركة”.
مشيرا إلى أن أن “بقاء الطفل ملازماً للهاتف المحمول يخلق فراغ بينه وبين افراد اسرته او المقربين منه، وتصبح لديه نظرة تشاؤمية، والتي في الغالب لا يدركها في هذه المرحلة العمرية ، الا أن تراكم هذه الترسبات يتسبب ببناء شخصية هشة انطوائية”.
مخاطر صحية ونفسية
ويحذر طبيب الأسرة “علي أبو طحين” في حديثه لـ (باسنيوز) من ان استخدام الأجهزة الإلكترونية خصوصاً المحمولة منها ، وحتى التلفزيون بشكل او بآخر ، سواءً من قبل الأطفال اوالكبار لفترات طويلة تسبب مشاكل صحية ، منها مشاكل في العيون والمفاصل ومشاكل عصبية” ، مبيناً أن ” مدة الاستخدام الصحيحة للأجهزة الإلكترونية للأطفال دون سن العاشرة، هي من ساعة الى ساعتين، كحد اعلى” .
ويحذر مختصون من خطورة الإدمان على الألعاب الإلكترونية سواءً على الهاتف او بقية الأجهزة ، حيث أن استخدامها لفترات طويلة لمسافة أقل من 35 سنتيمتر يسبب جفاف العين، حساسية مزمنة، وانتفاخ القرنية، واحمرار العين، والتهابات متكررة، بالإضافة إلى احتمالية الحول الداخلي، بسبب التركيز على نقطة قريبة لمدة طويلة .
كما أن الأطفال تحت سن العاشرة يحظر عليهم استخدام الأجهزة الذكية بكثرة، وبفضل تقليلها إلى ساعة في اليوم وتُقسّم بين الصباح والمساء، ويُفضل استخدام الشاشات البعيدة (التلفزيون) التي تبعد 3 أمتار عن مكان جلوس الشخص ، أما فوق سن العاشرة فينبغي أن لا يزيد الاستخدام عن ساعتين في اليوم، وحسب الحاجة.
وبشكل عام ، وبحسب المختصين فإن هناك العديد من الاضرار الناجمة عن استخدام الهواتف الذكية بشكل مفرط أو غير سليم على صحة الانسان ، وخصوصاً الأطفال والمراهقين ، أهمها الإصابة بسرطان الدماغ، إذ ان بعض الدراسات تشير إلى وجود علاقة بين التعرض للإشعاعات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهواتف وزيادة خطر الإصابة بأورام في الدماغ أو الأعصاب.
كما ان التركيز على شاشة صغيرة ذات إضاءة قوية يؤدي إلى زيادة الضغط على العيون والإصابة بمشاكل مثل جفاف العين أو ضعف الرؤية أو متلازمة رؤية الكمبيوتر. كما يؤثر الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف على إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم دورة النوم، مما يسبب اضطرابات في نوم والتأثير سلباً على صحة العيون.كما يسبب استخدام الهاتف المحمول في وضعية ثابتة لفترات طويلة آلاماً في العمود الفقري والرقبة والأكتاف واليد، نتيجة لتشكيل ضغط على هذه الأعضاء والتهابات في المفاصل.
كما يزيد استخدام الهاتف المحمول أثناء قيادة السيارة أو عبور الشارع من خطر وقوع حوادث مرورية، نظراً لانخفاض التركيز والانتباه لحركة المرور.
فيما يسبب التحديث المستمر للهاتف المحمول قلقاً وانزعاجاً للمستخدم ، خصوصاً إذا كان يتابع مواقع التواصل الاجتماعي أو يتلقى رسائل أو اتصالات مزعجة، مما يؤثر على حالته المزاجية والنفسية.
دور الاسرة
يرى المختصون ، بانه يجب على الآباء والأمهات اتخاذ بعض الخطوات للحد من إدمان ابناءهم على الهواتف الذكية وتشجيعهم على استخدامها بشكل معتدل ومسؤول ، ومن بعض الطرق التي بالامكان تجربتها ، تحديد قواعد واضحة لاستخدام الهواتف الذكية في المنزل، مثل عدم استخدامها أثناء الوجبات أو قبل النوم، والالتزام بها كأسرة ، وكذلك المحافظة على التواصل مع الأبناء والاستماع إلى اهتماماتهم ومشاعرهم، وتشجيعهم على التحدث عن مشاكلهم أو مخاوفهم بدلاً من اللجوء إلى الهواتف.
كما ان من المهم مراقبة استخدام الأطفال والمراهقين للهواتف الذكية، والتأكد من أنهم يستخدمون تطبيقات ومواقع آمنة ومناسبة لأعمارهم.
وهنا يجب الإشارة الى ان من المهم جداً تقدير الوالدين لانفسهم كقدوة حسنة لابناءهم ، وعدم استخدامهم للهاتف المحمول بشكل مفرط أو في المواقف غير المناسبة، بل اظهار كيفية استخدام الهاتف بشكل إيجابي وإبداعي .
basnews